تحقيق: لكبيرة التونسي

كانت ميثاء محمد متميزة في المواد العلمية، وحازت مجموعاً عالياً يؤهلها لدخول إحدى الجامعات المرموقة في الدولة، وكانت تشعر بأن مادة الكيمياء التي تعشقها تداعب مخيلتها، إلا أن والديها أجبراها على التخصص في مجال مختلف بعيداً عن الكيمياء، فخضعت لرغبتهما حتى السنة الثالثة بالجامعة، لتكتشف أنها غير قادرة على متابعة الدراسة في هذا المجال، فاكتأبت نتيجة دخولها في مشاحنات مع الأهل، ولم يكن سهلاً عليها أن تقنعهم بتغيير تخصص الدراسة بعد ثلاث سنوات من التحصيل والجهد وضياع الوقت.
ليست ميثاء وحدها التي عانت تبعات عدم اختيار التخصص الذي يناسب ميولها وإنما الكثير من طلاب الجامعات، حيث يفتقدون التوجيه الصحيح لاختيار ما يناسب ميولهم، إضافة إلى تدخل أولياء أمورهم في اختيار تخصصاتهم، مما ينعكس سلباً على متابعة دراستهم، وينتهي بهم الأمر إلى تغيير التخصص بعد سنوات من الجهد والتعب والدخول في حالة من الرفض، الأمر الذي ينعكس على حياة الطالب الاجتماعية.
اختيار التخصص العلمي والمهني قد يدخل الطلبة في حيرة تؤرق الجميع بعد التخرج في الثانوية العامة، مما يستدعي تفعيل دور الإرشاد الأكاديمي لتوجيه الطلبة، وتوعية الآباء بأهمية مساعدة أبنائهم على اختيار التخصصات التي تناسب ميولهم، مع مراعاة مستجدات سوق العمل الذي طرأت عليه تغيرات كثيرة، وأصبح لزاماً أن يتم اختيار تخصصات تناسب هذه السوق، في ظل تدخل أولياء الأمور في اختيار تخصصات أبنائهم الجامعية.. وهنا نتساءل: أين دور الإرشاد الأكاديمي في المدارس، ومن يقوم بتوجيه الطلبة ومساعدتهم في اتخاذ القرارات المناسبة، وكيف يمكن اكتشاف ميول الطلبة، ورصد قدراتهم ومهاراتهم لاختيار التخصص الذي يناسبهم.. وما هي تداعيات الاختيار الخاطئ، وماذا نفعل عندما يكتشف الطالب أنه لا يستطيع الاستمرار في تخصص معين؟.

مخرجات التعليم
ومن جانبها، تقول الدكتورة نجوى محمد الحوسني وكيل كلية التربية من جامعة الإمارات، إن الإرشاد الأكاديمي يعتبر من أبرز الخدمات الأكاديمية التي تقدم للطلبة في مرحلة الثانوية، موضحة أو وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات تبذل جهوداً واضحة في هذا المجال إيماناً منها بأهمية هذه البرامج في توجيه وإرشاد الطلبة من الناحية النفسية والاجتماعية والأكاديمية، وتقوم هذه البرامج بمساعدة الطلبة على صقل مهاراتهم واكتشاف ذواتهم وميولهم في وقت مبكر، قبل الانخراط في التعليم العالي وتخصصاته، حيث إن غياب برامج الإرشاد الأكاديمي يؤثر سلباً في مخرجات التعليم العام ولا يمكن للمنظومة التعليمية من تحقيق أهدافها العامة والتي تتمثل في تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم المدرسي والتعليم العالي، ولا تقف جهود هذه البرامج في تعريف الطلبة بميولهم واكتشاف قدراتهم ورغباتهم فقط، بل تعرفهم بالتخصصات الجامعية وتعمل على التنسيق مع مؤسسات التعليم العالي لتحقيق الفائدة المرجوة للطلبة، ومن الضروري من الناحية التربوية الاهتمام بهذه البرامج لتعزيز وتنمية القيم الإيجابية نحو التعلم وخلق بيئة تعليمية جاذبة، وقادرة على سد احتياجات الطلبة الفكرية والمعرفية وتحقيق طموحاتهم وأمنياتهم بما يتماشى مع تطلعات المجتمع الإماراتي.

اكتشاف القدرات
وتقول الخبيرة التربوية عفاف راضي، إن مساعدة الطالب على اكتشاف قدراته وإمكاناته الدراسية، ومعاونته في تصميم خطة دراسته واختياره للشعب المناسبة يجب أن يبدأ من المدرسة، لتحقيق متطلبات شروط التخرج ومساعدته في التغلب على أية صعوبات قد تعترض مساره الدراسي، ومساعدته كذلك على التكيف مع بيئته الدراسية والاجتماعية والعلمية عن طريق إمداده بالمعلومات الكافية، موضحة أن للإرشاد التربوي دوراً مهماً وحيوياً في العملية التربوية في نظام المقررات، لافتة إلى أنه لا يقل أهمية عن دور المعلم في المدرسة، بل يكمل كل منهما الآخر، لاسيما أن المرشد الأكاديمي في المدارس تقع عليه مسؤولية اكتشاف مواهب الطلبة وميولهم الدراسية ودعمها، لافتة إلى أن بعض المدارس تتوفر على مرشدين بينما تفتقد أخرى للأطر التي توجه الطلبة وتكتشف ميولهم مبكراً وتدعمهم في الاتجاه الصحيح.
وتؤكد عفاف أن المسؤولية تقع على المعلم في حال عدم توافر الكادر المدرسي الكافي، ومن المفروض أن تنتبه المعلمة إلى موهبة أي طالب وميوله العلمية والثقافية وتدعمه وتقدمه للمرشد الأكاديمي أو الموجه الذي بدوره يعمل بالتنسيق مع ولى الأمر لوضع خطة معينة لتعزيز هذه الميول والمواهب ومتابعته والتركيز على صقل مهاراته، كما يتم إشراك الطالب في الكثير من الدورات والمسابقات مما يمكن من الوقوف على مكامن القوة فيه ودعمها، مشيرة إلى أنها خلال مسيرتها التعليمية اكتشفت مهارات الكثير من الطلبة سواء في الجانب العلمي أو الفني، ووجهتهم بالتنسيق مع المرشد الأكاديمي وحققوا نجاحات كبيرة، مما مكنهم من اختيار تخصصاتهم في الجامعة، ما ساهم في ضمان مستقبلهم الأكاديمي ودراستهم العليا، ولا شك في أن هناك بعض الدول التي ترعى موهبة الأطفال المتميزين، مثلما يحدث في مصر من خلال تجربة «جامعة الطفل» التي ترعى موهبة الطالب وميوله منذ الصغر.
وتضيف راضي: «اكتشاف ميول الطالب منذ السنوات الأولى في المدرسة، وتعزيز ميوله، يساعده في إيمانه بقدراته مما يؤثر على حياته مستقبلاً، حيث يشعر بالسعادة كلما كان تخصصه يتوافق مع ميوله، وليس الأمر رهيناً بالمدرسة فقط، وإنما بجب على الأسرة أن تقوم بهذا الدور وتفتح قنوات مع الطفل والمدرسة، وتنصح بألا ندفع أبناءنا لتخصصات بعيدة عن ميولهم؛ لأنها ستكون بعيدة كل البعد عن رغباتهم، وستكون تجربة فاشلة جامعياً، ونضطر لتغيير الكلية أو التخصص، وهذا ينعكس على نفسية الطالب بالسلب، كما يجب توفير تخصصات جديدة أخرى حتى يستطيع الاختيار المناسب ويصيب الهدف».

حرص على التعلم
بدوره، أكد حسن مشربك رئيس قسم تنمية مهارات وقدرات الطفل بمؤسسة التنمية الأسرية، أنه عندما كان ينفذ برنامج «خطط لسعادتك» المهني والاجتماعي التفاعلي اكتشف أن السعادة لدى الطلاب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقيام بما يحبونه من تخصصات، وهي كذلك تشتمل على عدة جوانب منها التخطيط المهني وريادة الأعمال، وخلال المحاضرة ركزت على أهمية اختيار تخصصات تناسب هذا الجيل والمستجدات وسوق العمل، والتخلص من بعض الترسبات التي تعززت في ذهن الشباب منذ الطفولة، حيث إن الكثير من أولياء الأمور يغرسون أهمية المهن الكبرى مثل الطبيب والمهندس والطيار منذ الصغر في نفوس أبنائهم، فيجد الطالب نفسه في الكبر محاصراً بهذه الأفكار التي يرغب فيها الأهل، بينما هو يكون ميوله مختلفة، خاصة في الوقت الحالي الذي تكتنفه العديد من المتغيرات، ومن خلال تفهمنا لهذه المرحلة أصبحنا ننفذ دورات تفاعليه لنفهم تفكير الطلاب واكتشاف ميولهم، ومن ثم توجيههم بالشكل الصحيح؛ لأن مجالات الإبداع كثيرة ويمكن لأي شخص أن يتميز في المجتمع ويلمع نجمه من خلال مجموعة من الأعمال والمجالات.
وعن تداعيات اختيار التخصص الخاطئ والذي لا يتناسب وميول الشخص، أكد مشربك أن ذلك له تبعات كبيرة قد تعقد مستقبله، وتهتز ثقته بنفسه، ما يسبب مشاكل اجتماعية كثيرة، وفي هذه الحالة ننصح الطلاب بإعادة النظر في اختياراتهم والبدء من جديد؛ لأن الفشل في مرحلة معينة لا يعني نهاية العالم، ولكن قد يكون بداية لنجاح كبير.

خطوة فاصلة
تقع مسؤولية اكتشاف ميول الطلبة وتوعيتهم وتوجيههم على عاتق المدرسة قبل التخرج في الثانوية العامة، لاسيما أن الحصول على هذه الشهادة يفتح باب المستقبل ويعتبر خطوة فاصلة في حياة الطالب، لذلك يجب أن يكون هذا الأخير مزوداً بالوعي الكافي بقدراته، حتى يتمكن من تحقيق النجاح.. هذا ما أكد عليه عدنان عباس مدير مدارس النهضة الوطنية، موضحاً أن الطالب يجب أن يتوفر على تصور ورؤية لمستقبله التخصصي قبل أن يلتحق بالجامعة، لكن في الغالب يحصل العكس، وأضاف: «بمجرد حصول الطالب على الثانوية العامة يدخل في حالة صراع، ولا تكون لديه القدرة على الاختيار ولا يكون مدركا لميوله العلمية وما يستهويه وما يلائم سوق العمل، ومن جهة أخرى هناك من يتعرض لضغوط من طرف الأب الذي يرغب في أن يكون الابن طبيباً أو مهندسا، رغبة منه في تحقيق حلمه عن طريق ابنه، مما يتسبب في معاناة كبيرة للطالب، وفي كثير من الأحيان يغيب الوعي بالتخصصات الحديثة التي تناسب سوق العمل، مما يجعل الطالب يختار تخصصاً معيناً وبعد سنوات من الجهد والتحصيل يكتشف أنه لا يمكن الاندماج في المجتمع وولوج سوق العمل من خلال ما تعلمه في الجامعة أو أي مؤسسة تعليمية عليا».
وأوضح، قائلاً: لي تجربة مع ابني الذي كان يريد تخصصاً معيناً بينما كنت أنا كأب أحلم له بتخصص آخر، وبعد دخولنا في نقاش كبير انتصر لفكرته ونجح فيها.

تحضير الطالب
ومن خلال تجربته الميدانية وخبرته المهنية، يؤكد عباس أنه خلال مسيرته التعليمية الطويلة، واجهته حالات مشابهة لعدم حسن اختيار الطالب لتخصص يناسب مؤهلاته، مما دفع المدرسة إلى توجيه الطلبة واكتشاف ميولهم وتوعيتهم بأهمية اختيار التخصص، وتأثير ذلك على حياتهم الاجتماعية والدراسة، ويضيف «مهمتنا في المدرسة أن نحضر الطالب للانتقال من مرحلة من التعليم الأساسي إلى الثانوي ومن ثم إلى التعليم العالي، وهناك مؤسسات حريصة ومدركة لأهمية هذا التوجيه، وهناك دور الآباء أيضا الذين يجب أن يكونوا واعين ومدركين لميول أبنائهم وضرورة متابعة الأب لابنه ومعرفة ما يناسبه وقبول رأيه، فهناك بعض الآباء الذين يفرضون على الطالب بعض التخصصات أو تطلعات مهنية غير مناسبة».
وعن خطوات توجيه الابن للتخصص المناسب يشير عباس إلى أن الحوار الراقي ومشاركة الابن في ميوله والمتابعة مع المدرسة والمرشد الأكاديمي قد يجنب الطالب مصاعب اختيار بعض التخصصات التي لا تتوافق معه، ويشاطر عباس رأيه باقي المختصين، حيث يؤكد أن عدم دراسة الطالب للتخصص الذي يناسبه، تؤدي إلى عشوائية القرار، والتأثير سلباً على مستقبله.
ويرى عباس، قائلاً: نحن في المؤسسة التعليمية ندرك أهمية المرشد الأكاديمي الذي يرشد الطالب للتخصص الذي يناسبه ويلائم سوق العمل، كما أننا ننظم زيارات للجامعة خلال أيامها المفتوحة لتوجيه الطلاب وإرشادهم للتخصصات المناسبة، كما يتم عرض التخصصات الجديدة التي يجب أن يتوجهوا إليها، إذا كانت توافق أحلامهم، ونحن بدورنا نقدم لهم شروحات وافية عن الهدف من الزيارة، وتقوم الكثير من الجامعات من كندا وأستراليا وأميركا بتوضيح الأمور والتفاصيل للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم بها.

المرشد الأكاديمي
يمثل «المرشد الأكاديمي» لكثير من طلبة الجامعات شعلة تنير طريقهم وتسهم في عبور جسر الانتقال من المدرسة إلى الحياة الجامعية، وترسم خريطة طريق للطلاب، وفي هذا الإطار تقول منى رزيقي من مدارس النهضة الوطنية، إن توجيه الطالب يعتمد على التحصيل العلمي والأكاديمي، كما يعتمد على اهتمام الطالب نفسه الذي كلما أحب تخصصه أبدع فيه وحقق له السعادة؛ لذا يجب أن يكون التخصص متوافقاً مع سوق العمل، حيث إن مخرجات التعليم يجب أن تلبي حاجة سوق العمل وتسهل ولوج الطالب لوظيفة معينة، فدراسة سوق العمل مطلوبة سواء من طرف الأسرة أو الطالب أو من طرف المرشد الذي يجب أن يوجه الطالب ويقوم بتوعيته، فإذا كان يفكر في العمل مثلاً داخل الإمارات يجب أن يدرس ما يتناسب مع الوظائف والمهن التي تتطلع لها الدولة، أما إذا كان يحلم بالعمل في الخارج فعلى الطالب أن يكون ملماً بسوق العمل في الدول التي يود أن يقصدها، وذلك بهد التفكير في المستقبل البعيد ومستجدات سوق العمل.
أما عن تدخل الأهل وفرض رأيهم على الطالب وإجباره على اختيار تخصص معين فقد يؤدي إلى نتائج عكسية، تقول رزيقي إن التحدي الذي نواجهه أحيانا هو إقناع الأهل بأهمية اختيار الطالب للتخصص الذي يناسبه وتشاطر رأيها أغلب المرشدين والتروبويين، موضحة: «في كثير من الأحيان نواجه بعض التحديات وتتمثل في أن الطالب لا يرغب في دراسة تخصص يفرضه عليه الأهل، وهنا نتدخل ونحاول إقناع الأهل بأحقية الطالب في اختيار التخصص الذي يناسب ميوله».

دور المرشد
وتؤكد منى رزيقي أن دور المرشد الأكاديمي بمدرسة النهضة يبدأ من الصف العاشر ثم الحادي عشر وينتهي بالصف الثاني عشر، والتوجيه يعتمد بشكل خاص على هذه الصفوف الثلاث التي تحدد القبول في الجامعة خاصة بالنسبة للدراسة خارج الدولة، بأميركا وبريطانيا وأستراليا وكندا وغيرها، فالمرشد أصبح له دور كبير في المدرسة لعدة أسباب منها تزويد الطالب بالمعلومات الكافية عن التخصصات التي تناسبه، ومن خلال تجربتنا تبين أن الكثير من الطلبة يصلون إلى الصف الثاني عشر وهم غير واعين أين يتوجهون أو أي طرق يسلكون، حيث إن الطالب لا يتوفر على أي فكرة عن الجامعات التي يود الالتحاق بها، ونحن كمرشدين أكاديميين نبدأ في توجيه الطالب من الصف العاشر، حتى يتوفر على معلومات وافية ورؤية واضحة، بناء على مستواه الأكاديمي وشخصيته ومتطلبات سوق العمل وهذه من المحاور المهمة يجب أخذها بعين الاعتبار، ليكون الطالب ملماً بها.
وأكدت رزيقي أن توجيه الطالب وتوعيته بشكل صحيح منذ الصف العاشر، يجنبه اختيار التخصص غير المناسب، ويساعده على القبول في جامعات عالمية، كما نقدم برامج إرشادية تجعل الطالب واعياً بمستقبله، وننظم مقابلات مع الطلاب بشكل دوري وزيارات إلى معارض الجامعات التي تنظمها الدولة، بحيث يتعرف على الجامعة المناسبة التي تلبي طموحه، كذلك يساعد المرشد الأكاديمي الطالب في تقديم ملفه إلى الجامعات المناسبة له عن طريق موقع «النابو»، سواء للجامعات الحكومية أو الخاصة خارج الدولة.

دائرة التعليم والمعرفة
وترى مها سالم الظاهري مدير إدارة الإرشاد والبعثات قطاع شؤون التعليم بدائرة التعليم والمعرفة، أنه من الضروري تقديم جلسات الإرشاد المباشرة الفردية والجماعية مع الطلبة وأولياء أمورهم، إضافة إلى الاستشارات الأكاديمية بشكل فردي أو جماعي. وتضيف: من أهم النقاط التي يتم عرضها ومناقشتها خلال هذه اللقاءات، الإجراءات المتعلقة بتقديم الطلبة للجامعات الرائدة الموصى بها من قبل الدائرة للدراسة خارج الدولة، وضرورة إطلاع الطلبة على أهمية التسجيل المبكر، مع توجيه الطلبة نحو المسار السليم ومتطلبات سوق العمل، وتقديم نبذة عن برنامج المنح والبعثات الدراسية للطلبة المتميزين مع إيضاح شروط الالتحاق والمميزات ومواعيد التسجيل، وفرص الحصول على البعثات الدراسية المختلفة في الدولة، والامتحانات القياسية المطلوبة للتقديم على الجامعات، ولا يفوتنا إسداء نصائح أكاديمية ومهنية للإرشاد المبكر للطلبة للاستعداد للمرحلة الجامعية والتنافس للحصول على القبول بأفضل الجامعات العالمية، والحرص على المشاركة في المعارض والمنتديات التعليمية مثل «معرض نجاح».
وتشير قائلة: مشاركة الدائرة في هذه المعارض تسهم في التقاء أكبر عدد من الطلبة، بالمختصين من إدارة الإرشاد والبعثات واستعراض الفرص المتاحة أمام الطلبة والخريجين للالتحاق ببرنامج المنح والبعثات الدراسية الجامعية للطلبة المتميزين وإطلاعهم على آخر المستجدات في سوق العمل ومتطلبات الدراسة الجامعية، بشكل يدعم مسيرة الطلبة التعليمية والمهنية، ويتوافق مع الأهداف الوطنية لتنمية وبناء الكوادر البشرية.

تواصل ونقاش ودعم
كثيرون هم الآباء الذين لا يعون مرحلة اختيار تخصص الأبناء.. وقليلون هم من يدعمون الأبناء ويسعون نحو تحقيق سعادتهم المهنية، ومرافقتهم خلال هذه المرحلة، وفي هذا الصدد يسرد الأب محمود مرسي «إعلامي» تجربته مع ابنتيه، قائلاً: لديَّ ابنتان تدرسان حالياً في المرحلة الثانوية، إحداهما «منهاج أميركي» وسوف تتخرج في العام الدراسي المقبل، فيما ستكمل الثانية مرحلة IGCSE «منهاج بريطاني»، خلال عام أو عامين، وأراعي أنهما تكبران وتقتربان يوماً بعد يوم من الجامعة، وفي الوقت نفسه أجيء لهما بالقصص والأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام عن الطلبة المتفوقين والمسارات التي يسلكونها إلى الجامعات، مركزاً بشكل كبير على هؤلاء الاستثنائيين منهم الذين تحرص الجامعات في أوروبا وأميركا على استقطابهم؛ بهدف تشجيع ابنتيَّ على إعداد نفسيهما من الآن للتفوق والتميز وتحديد الوظيفة التي تتمناها كل منهما، كما أركز على تفوقهما واختيار الكلية والتخصص الدراسي، ومن ثم المستقبل المهني، وهي مسؤولية كل واحدة منهما بالدرجة الأكبر، وأنا دوري كأب هو مشاركتهما في التفكير والتحاور معهما وتوجيههما إلى محطات الاختيار، كنوع يشبه الإرشاد الأكاديمي الذي تقوم به الجامعات لطلبتها الجدد. في هذا الإطار، نتواصل سوياً مع الجامعات المحلية والدولية ونطّلع عليها عبر مواقعها بالإنترنت وعروض الترويج التي تقوم بها على قناة «يوتيوب»، وقمت بصحبتهما إلى معرض الجامعات الماليزية الذي يقام في أبوظبي، ونفكر في تمضية جزء من عطلة الصيف في المغرب، حيث ننتهز الفرصة لزيارة إحدى الجامعات المتميزة بها، وهي جامعة الأخوين، والاطلاع عليها ميدانياً. ولا يفوتني بالطبع أن أحدث ابنتيَّ عن تجربتي الشخصية في الاختيارات الدراسية عندما كنت في مرحلتهما السنية، وأؤكد لهما دائماً أن كل جيل يأتي يكون متطوراً عن الجيل الذي سبقه، وأن ما نراه ونشهده الآن من حقائق وتغيرات متسارعة لم نكن نشهده قبل سنوات.

برنامج «مساري»
تشير مها سالم الظاهري إلى أن دائرة التعليم والمعرفة تتوفر على برنامج «مساري» الذي يمثل نموذجاً جديداً لإعداد الطلبة للبعثات الدراسية خارج الدولة، بالتعاون مع شركة مبادلة للاستثمار، حيث يتم استقطاب الطلبة المواطنين المتميزين من الصف التاسع، وتأهيلهم للمرحلة الجامعية مبكراً في تخصصات حيوية تتطلبها عملية النمو والاستدامة في إمارة أبوظبي، ويعتمد هذا البرنامج على توجيه الطلبة أكاديمياً ومهنياً لاكتشاف قدراتهم وميولهم الشخصية والأكاديمية بناء على أسس علمية مدروسة، من خلال مجموعة من ورش العمل والتدريبات والزيارات الميدانية للقطاعات والمؤسسات الرائدة في مجال الصحة والتكنولوجيا والصناعة، لتزويد الطلبة بالمعلومات الشاملة للتخصصات العلمية والوظائف المستقبلية التي يتطلبها سوق العمل بإمارة أبوظبي.
وتقول الظاهري إن البرنامج يهدف إلى التأهيل المبكر للطلبة المواطنين المتميزين، بحيث يكون الطالب الإماراتي ناجحاً بشكل أكاديمي وشخصي، للتنافس مع أقرانه للحصول على قبول أكاديمي للدراسة في الجامعات الرائدة خارج الدولة، ليكون على أتم الاستعداد لمتطلبات الجامعة والكلية التي يرغب في الالتحاق بها، إضافة إلى تعزيز مفهوم العمل التطوعي لدى الطلبة الجامعيين وصقل مهاراتهم الإدارية.